Overblog
Edit post Follow this blog Administration + Create my blog

عاشت الماركسية اللينينية الماوية (رئيسيًا الماوية)

المدونة الماوية ★ الديمقراطية الشعبية

الكارثة الوطنية : غزة بين مطرقة الصهيونية وسندان الإقطاعية الإسلاموية

 

اكتوبر ٢٠٢٣ و حتى تاريخه

 

يتعرض  قطاع غزة  الى حرب إبادة جماعية صهيونية إجرامية وحشية هي الأكثر فظاعة في التاريخ الحديث ، لقد بات الأمر يرقى الى مستوى نكبة جديدة للشعب الفلسطيني ، كل شيء بات يشي بنكبة أكثر قسوة حتى من نكبة العام ١٩٤٨ ، لم يعد قطاع غزة صالحًا للحياة ، غالبية البيوت و المباني وقع تدميرها ولم يعد للفلسطيني في قطاع غزة سوى مفتاح بيته الذي صار أثراُ بعد عين ، هي مشهدية النكبة الجديدة إذن .
تمر السنون و تمضي و ما زال شعبنا يعيش النكبة بكل تجلياتها من جيل الى جيل ، إنها المأساة الممتدة منذ قرن من الزمان خاضت فيه أجيال الشعب الفلسطيني نجيع الدم بمده و جزره وما زال هذا الشعب يتجرع شتى صنوف العذاب و الويلات .
ان المذابح الصهيونية المتواصلة ليست مجرد ردة فعل بل هي مسألة من صميم طبيعة هذا الكيان العنصري الإحلالي البغيض و القائم على التطهير العرقي، هذه الجرائم و الفظائع برهنت و أكدت المؤكد بأن المستعمرة الصهيونية ربيبة و صنيعة الإمبريالية هي خطر و عدو إرهابي للنوع البشري بأسره. 
ما جرى في السابع من اكتوبر كان مجرد شرارة ليس الا للبدء في إنفاذ مخطط قديم جدا ناضلت ضده الحركة الوطنية الفلسطينية منذ خمسينيات القرن الماضي  حين وافق جمال عبدالناصر على مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء ، و نحن لا نذيع سراً هنا، يمكن العودة لقراءة مؤلف الرفيق الراحل معين بسيسو (دفاتر فلسطينية) و الذي يتناول فيه كل تلك الأحداث و النضالات التي خاضها مع رفاقه في غزة حين أطلقوا تلك الصرخة التي يتردد صداها في غزة الذبيحة اليوم ( لا توطين ولا إسكان يا عملاء الأمريكان).
إن ما يجري هو عملية إقتلاع للشعب الفلسطيني عبر إعدام سبل الحياة و امكانياتها، هذا التجويع و سحق كل مظاهر الحياة الإنسانية  و كل  هذا التآمر الصهيو عربي ليس الا لإقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه .
لكن لفهم الوضع الفلسطيني وطبيعة الكارثة لا يكفي النظر الى الجانب الصهيوني فحسب ، حيث انه و فضلا عن ان هذا من صميم الطبيعة الإحلالية لهذا الكيان الصهيوني اللقيط، هو أيضًا يأتي في إطار مسعى لإفراغ هذا الشريط الجغرافي من السكان نظراً  لما يختزنه من ثروات طبيعية غازية تحديداً، لذلك كان لا بد من هذه الحرب الإحلالية في جوهرها وطبيعتها لإفراغ قطاع غزة أو جزء كبير منه على الأقل من السكان عبر خلق وقائع جديدة على الأرض و بتآمر صهيوني رجغي عربي إمبريالي . 
و إنطلاقًا من هنا يمكننا أن ندرك حجم المؤامرة على الشعب الفلسطيني و طبيعتها بل و حتى أطرافها ابمستترين أيضًا. 


الإسلاموية و الفوضى الخلاقة و حمل السلاح لإسقاط السلاح :

لا يمكن لاي عاقل و كل من يتحلى بالحد الأدنى من الوعي و التفكيىر النقدي و الموضوعي ان لا يدرك الدور المتأمر للقيادات الفلسطينية في هذه الكارثة التي سوف تغير وجه المنطقة و العالم بأسره. 
العدو الصهيوني قطعًا لا يحتاج الى مبررات ليقتل و يدمر و يهجر ، لكن بالطبع ما جرى في ٧ اكتوبر كان الشرارة التي اتت بنيران حارقة على الشعب الفلسطيني، و أطلق العنان لحرب إبادة لا تبقي ولا تذر. 
إن القيادات الإسلاموية في غزة دورها بات  يتجاوز مستوى الشبهات ، فحتى مع إفتراض عكس ذلك   ، من أقدم على ما جرى في السابع من أكتوبر يدرك يقينًا طبيعة الرد الصهيوني، و يدرك ان هذا النمط من الحروب و المعارك لا يتلائم مع واقع الحال في غزة المكان الأعلى كثافة سكانية بالعالم مع أوضاع معيشية كارثية لغالبية من يقطنون القطاع و شح الإمكانيات و الموارد، حيث يعيش غالبية سكان قطاع غزة في فقر مدقع و حالة من العوز  و مع تضاؤل دور منظمة غوث و تشغيل اللاجئين (الأونروا)  و التي يجري منذ بداية حرب الإبادة العمل على انهاء دوورها بالكامل في سياق هذه المؤامرة . 
ان القيادة الإسلاموية في غزة و بالنظر  الى طبيعتها الطبقية و دورها المرسوم لها ليست معنية بحشد و تعبئة  الجماهير الشعبية وتسليحها لتخوض الحرب الشعبية طويلة الأمد ، بل انها دأبت على هذا النوع من الحروب و المعارك التي اول من يدفع ثمنها هم الفقراء و البسطاء و المعذبين ، ليست معنية بحرب الشعب لكنها معنية بالمغامرة بمصير شعب بأكمله. 
ولن نجافي الواقع اذا ما قلنا ان الإنسحاب الصهيوني من غزة عام ٢٠٠٥ كان لتجنب العدو دفع أثمان كان سيدفعها حتمًا بالمقاومة الشعبية المسلحة لو  تواجد على الأرض، لكنه آثر الإنسحاب و ترك غزة تغرق في بحر الظلامية الإسلاموية الإقطاعية ، مع تحويلها الى إمارة إسلاموية ، هذه الظلامية التي لم تخدم سوى هذا العدو   المدرك لحتمية المقاومة. 
 ان الجدل الماركسي و الهيغلي من قبله يعلمانا بأن كل ظاهرة تولد نقيضها فلا يوجد إحتلال بدون مقاومة شعبية مسلحة تتطور  كمًا و نوعا الى حرب تحرير شعبية طويلة الأمد ، لا مناص من ذلك   ، و لذلك كان من الضروري ايجاد صيغة مناسبة تؤطر هذه الحتمية و تقولبها و بالتالي تحولها شكلاً و مضمونًا من مقاومة شعبية الى مقاومة إسلاموية يجري الإمساك بخيوطها من قبل قوى و دول إقليمية خدمة للمشروع الصهيوني عبر مسخ الطابع الشعبي عن المقاومة بفعل إسباغ و إضفاء الطابع البيروقراطي و المضامين الأيدولوجية الإقطاعية القروسطية ، هذا ما جرى في جنوب لبنان بدءاُ من ثمانينات القرن الماضي . 

و امام هذا المعطى ندرك طبيعة الحركات الإسلاموية و طبيعة دورها المناط بها ؤ ندرك طبيعة من يحملون البندقية بالضبط لإسقاط البندقية. 

التجربة التاريخية جعلتنا أكثر يقينُا بطبيعة وحقيقة الحركات الظلامية و دورها التاريخي الذي أنيط بها لإشاعة الفوضى و التخلف و انسداد الأفق التنموي و الحضاري .
ما يجري في غزة اليوم يتماشى تمامًا مع طبيعة و دور الحركات الإسلاموية الفوضى و إنعذام مقومات و اسباب الحياة لتهيئة الظروف و إنضاج شروط ما يخطط له العدو الذي يمضي في إجرامه ، هذا هو دور الحركات الإسلاموية دائمًا و الشواهد عديدة  : افغانستان ، العراق ، سوريا ، اليمن، الخ . 

 اذن فالإسلاموية هي الفوضى الخلاقة و انسداد الأفق ، مقاومة من فوق يجري الإمساك بخيوطها و توجيهها بحسب الحاجة وما تقتضيه مصلحة العدو الصهيوني و الإمبريالي ، مقاومة من فوق لمنع و تثبيط تبلور  اي حركة مقاومة ثورية شعبية من تحت عبر خداع الجماهير و التلاعب بها و استلاب وعيها فمن يمسك بخيوط هذه المقاومة يدرك ان كل احتلال يوجد ويولد نقيضه و بالتالي حركة مقاومة شعبية تتطور كما و نوعا و خط تطورها لولبي صاعد حتى الإنتصار و التحرير، و لمنع ذلك لا بد من ايجاد حركة من فوق مع محتوى ايدولوجي رومانسي اقطاعي معادي للديمقراطية الشعبية ، مقاومة من فوق لمنع انبثاق مقاومة شعبية من تحت، هذا هو معنى يحملون البندقية لإسقاط البندقية.ديالكتيك المقاومة الإسلاموية. 
بالتالي ، ان  هذه الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني هي نتاج انصهار الطبيعة الإحلالية للكيان الصهيوني بالطببعة الافطاعية الرومانسية  الفوضوية لحماس و قريناتها من الحركات الاسلاموية ؤ بالمعنى الدقيق للكلمة لقد أضحى الغزيون بين مطرقة الصهيونية وسندان الإقطاعية الإسلاموية. 
لكن و مع كل ذلك، نظرتنا للحركات الإسلامموية لا ينبغي ان تكون عدمية ، فقطعًا ان الكثير من المنضوين تحت لواء هذه الحركات هم من قلب هذه الجماهير المسحوقة و المستلبة و المفقرة ، لكن بطبيعة الحال فإننا ومن منظور مرجعيتنا الأيدولوجية ندرك ان شكل الظاهرة يطغى على محتواها و ان هذا الأخير يميل ديالكتيكيُا للنضال ضد الشكل و التناقض معه ، و بالتالي حتمية العبور الى صراع الخطين داخل كل حركة سياسية و كل منظومة عمل جماعية، فمن الخطأ التعاطي مع الحركات الإسلاموية ككتلة صماء. 
لكن يبقى الجانب الرئيسي هنا هو البعد الإقطاعي الذي يرسي قواعد مجتمع يستحيل معه ان تتقدم حركة الجماهير الى فهم و إذراك قوانين الواقع و قوانين الصراع بإعتبارها من قلب قوانين التاريخ و الصراع الطبقي ، ان هذا يتطلب وعيُا لا ينبثق بصورة ميكانيكية، بل ينبثق ديالكتيكيُا بالممارسة و الممارسة الواعية  ، و إنبثاق هذا الوعي بحد ذاته هو نتاج لعوامل ذاتية و موضوعية، و هنا ليس من الصعب ان يدرك المرء انه و حيثما كانت الإسلاموية كآيدولوجيا رومانسية قوية و تحظى بقاعدة صلبة كان من المحال ان تحظى الأيدولوجيا الثورية بزخم مماثل و بالتالي يستعصي إستنهاض الجماهير و توعيتها لتتقدم بالنضال ،  ولهذا وجدت الحركات الإسلاموية كأفضل عدو تم إختراعه للصهيونية بوصفها حركة إحلالية عنصرية  ، فالإسلاموية السياسية وجدت لغرض تحويل هذه الشعوب الى "هنود حمر" جدد  . 
و عليه لا تخامرنا أي شكوك بأن هذه الحركات تحمل السلاح لإسقاط السلاح ، فكل من لا يتبع إستراتيجيا حرب الشعب طويلة الأمد هو عمليًا يعمل لمصلحة العدو  و يحمل البندقية بالضبط لإسقاط البندقية ، و هنا تظهر في الخلفية حلولاً بديلة عن السلاح بعد القاء الشعب الفلسطيني في التهلكة، تتحدث قيادات حماس من أكناف قاعدة العيديد في الدوحة عن "دولة على حدود ٦٧" و يكثرون الحديث عن "حكومة نتنياهو الفاشية" على اعتبار ان الحكومات الصهيونية الأخرى سوف يشكلها حمائم سلام ، لا يمكن الوثوق ببندقية قرارها  السياسي في قاعدة العيديد، هذا بمعزل عن اي شيء أخر. 
وهذا الخطاب ليس مجرداُ، إذ يحمل في طياته طبيعة المرحلة التالية لحرب الإبادة حين تتحقق الغاية و يقع القاء البندقية و الدخول في معمعة الحلول السلمية و  التصفوية، فحرب الإبادة هذه بالضبط لتدشين مرحلة جديدة من النضال السلمي و إستحضار نماذج على غرار غاندي في الهند و مانديلا في جنوب افريقيا ، و ليس من قييل الصدفة ان قناة الجزيرة تروج منذ سنوات لفكرة تحويل الكيان الصهيوني من كيان إحتلال و تطهير عرقي الى "نظام فصل عنصري"  . 
و لا ننسى في الخلفية ايضا مانديلا فلسطين (مروان البرغوثي) الذي يجري تحضيره لدور ما منذ سنوات.
٧ اكتوبر ٢٠٢٣ مثل ٦ اكتوبر ١٩٧٣ بداية مرحلة جديدة  و كل شيء لصالح للعدو. 
فهكذا سوف تكون نهاية المغامرة الإسلاموية، و التي هي بطبيعة الحال فاقت في صلفها الروح المغامراتية البرجوازية الصغيرة عند غيفارا و بول بوت و غيرهم من الذين حاولوا إختطاف ارادة الملايين من البشر و العبث بمصائرهم دونما اعتبار و إكتراث بأهمية تثوير هذه الملايين و إشراكها في العملية الثورية عبر توعيتها و إستنهاضها بكل قواها الثورية الكامنة فيها . 
بدون الحرب الشعبية فإن الإنتهازية و البيروقراطية و المغامراتية هي سيدة الموقف. 
لكن قطعًا ان ما يتصل بالمأساة الغزبة ابعد من مجرد  "إنتهازية"  . 
هي الإقطاعية الإسلاموية أبلغ و آخطر تجليات الفوات الحضاري و أعلى مراحله. ، وحين نقول "الفوات الحضاري" يجدر بنا عدم إغفال تلك المخاتلات على هامش المأساة. 

الفوات الحضاري أم سردية صراع الحضارات ؟  : 

ان اخطر خدعة يجري الترويج لها على نطاق واسع على هامش حرب الإبادة هي سردية صراع الحضارات و تحويل الصراع ضد الصهيونية و راعيتها الإمبريالية الى صراع حضارات ، هذه الحيلة هي من جهة لضمان إستدامة هذا الصراع فلا  نهاية لهذا الصراع الا بزوال الكيان الصهيوني و إندثاره ، فلذلك لا بد من إدامة الصراع ليبقى الكيان الصهيوني ، و من جهة اخرى بالتالي لإدامة الحركات الإسلاموية وبالتبعية ادامة استلاب وعي الجماهير الشعبية و اقالتها من دورها التاريخي على النحو  المذكور أنفُا . 
على النقيض منا نحن الشيوعيين فإن الحركات الإسلاموية لا تؤمن بأن الجماهير صانعة التاريخ فهذا المفهوم يوازي الكفر و الإلحاد لديها وهي موجودة بالأساس لتكوين حائط صد منيع امام المفاهيم التي ينادي بها الشيوعيون، وهي المفاهبم التي تشكل خلاصة التجربة التاريخية للإنسانية ، فالتاريخ هو تاريخ الصراع الطبقي و عليه فإن الجماهير هي صانعة التاريخ . 
هذه المفاهيم لا ينبغي ان تؤطر في اطار نظرية ثورية و  تلتحم بالجماهير لتشكل قوة مادية بحد  ذاتها كما قال ماركس في "نقد فلسفة الحق عند هيغل" و لذلك فإن الإسلاموية بوصفها أيدولوجيا رومانسية قوامها النقض الزائف  للواقع تبدو حاجة ملحة للإستعاضة عن بمفاهيمها عن هذه المفاهيم في سبيل الحفاظ على إستلاب وعي الجماهير  ليبقى الصراع ضمن مفاهيم و قوالب صراع الحضارات. 
ان الصراع ضد الصهيونية ليس صراعُا ضد اليهود ، بل ان قطاعات واسعة من يهود العالم لا سيما في البلدان الإمبريالية كانت لهم مواقف محترمة وشجاعة من حرب الإبادة  . 

و الصراع ضد الامبريالية ليس صراعًا ضد شعوب الغرب و التي ايضُا  انتفضت بأعداد هائلة في الشوارع و الميادين ننديداً بحرب الإبادة الصهيونية ، في جين ان غالبية العواصم و المدن العربية لم تخرج مظاهرة واحدة او كانت التحركات فيها خجولة في أفضل الأحوال. 
ان القوى الثورية و الديمقراطية و المحبة للسلام في الغرب لا يمكن استعداؤها و وضعها في ذات القالب مع القوى المعادية لمصالحنا و  تطلعاتنا و أمالنا. 
و من نافلة القول ان هذه القوى الحية في الغرب من يهود و غيرهم مواقفها أشرف بما لا يقارن من مواقف المتآمرين العرب و حتى من مواقف غالبية القطاعات الشعبية المتبلدة و اللامبالية. 
ان المأساة الغزية بكل تجلياتها ليست الا حاصل الفوات الحضاري، فهيمنة قوى التخلف و العمالة و الظلام هي ذاتها من اوضح تمظهرات الفوات الحضاري. 
ان قوى التخلف و الإنحطاط الإقطاعي لا يمكن لها ان تكون  حاملاً إجتماعيُا للتغيير و الإرتقاء . 
قوى التخلف و الظلام هي جزء من القديم المتعفن ولا يمكنها ان تكون جزءاُ من عملية التغيير الثوري، فأي امة لم تنجز مراحل تطورها التاريخي  ، ولم تنجز مهام تحررها الوطني و ثورتها الديمقراطية سيكون الفوات الحضاري هو حكم التاريخ عليها، لا بل سوف تكون خارج التاريخ و لن يطول ابوقت حتى تكون خارج الجغرافيا كما يتبدى و سوف يتبدى  الأمر  بالكارثة الغزية و الكارثة الفلسطينية الممتدة منذ العام ١٩٤٨ ، فمن غير الممكن فراءة  هيمنة قوى التخلف و العمالة الرجعية الظلامية الا في سياق الفوات الحضاري. 
ولهذا تجري عملية الخداع و التلاعب الأيدولوجي بالحديث عن الصراع الحضاري  بدلاُ من الفوات الحضاري و الصراع الطبقي، لإضفاء شرعية "الهية" على وجود و هيمنة القوى الإسلاموية . 
ان الإصلاموية  بطبيعة الحال لا تطفو فوق الواقع،  انها من قلب الواقع البائس، واقع الإقطاع و تغول الماضي على الحاضر  او حكم الميت كما قال ماركس في مقدمة راس المال ، و من خلال هذه المقاربة يمكن قراءة تسمية الكارثة الغزبة بطوفان الأقصى ، و هي تسمية ليست اعتباطية و مدلولاتها ليست توراتية فحسب ، بل لها مدلولاتها مع كل ضحية في غزة ، هذا فضلا عن تسميات أخرى من قبيل "سيف القدس" و  "العصف المأكول".. الخ  ، بهذا يتبدى حكم الميت و تغول الماضي على الحاضر ليبقى استلاب الوعي الجمعي لوأد الديمقراطية الشعبية و مفاهيمها ، وغني عن القول ان إكرام الميت دفنه بالثورة الديمقراطية الحتمية. 
ولكن ماذا عن القوى المفترض انها ديمقراطية و  تقدمية؟ 

مأساة اليسار الفلسطيني و العربي 
.. و الماوية كخط لا يتزعزع  : 

لقد أمعن اليسار  العربي عامة و الفلسطيني خاصة في إنحطاطه و ذيليته للقوى الرجعية و الظلامية و تزلفه لها و هذا أمر ليس بالجديد و لطالما أبرزناه و أفردنا له العديد من المقالات و المواضيع عبر هذه المدونة ، فهذا اليسار أفلس و تحول الى دكاكين بنطبق عليها وصف  "الفجل" حمراء من الخارج و  ناصعة البياض من الداخل ، و لعل مقاربة الفجل هذه هي المجاز التهكمي للمقاربة الجدلية و التناقض بين الشكل و المحتوى . 
حال هذه الدكاكين يرثى له حتى في بياناتها الصحفية الموشحة بأيات قرآنية ، عبارة عن إخونج بلون أحمر ليس الا، هذا هو حال الجبهة الشعبية و الحبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، بدلاً من قيادة الجماهير و فضح الألاعيب القذرة لقوى التخلف و العمالة امعنت في الإفلاس والإنحطاط الذي وصل بهذه الدكاكين الى حد تصدير الأفيون الديني للجماهير  ، فباتت تشترك مع الحركات الإسلاموية بدور و مهام الفوضى الخلاقة على إعتبار ان النصر سيأتي من عند الله ومن خارج سياق الطبيعة و التاريخ فلا حاجة اذن لتعبئة الجماهير للحرب الشعبية، لقد إنحطنت هذه الحركات الى مستوى غير مسبوق و وصلت الى حالة من التيه    ، فلم يعد بمقدورها حتى ان تنتج أدبيات خاصة بها لتحافظ على هويتها المستقلة كحركات وطنية بمضامين ديمقراطية من حيث المنطق الأرسطي و ملدأ الهوية  على الأقل بوضع خطوط و تخوم التمايز مع الحركات الإسلاموية . 

لكن بطبيعة الحال  هذه الدكاكين الفلسطينية و العربية  لم يكن نشوؤها الا في سياق ظروف دولية متصلة بوجود الإنحاد السوفييتي الذي إنحط ليكون إمبرياليُا إشتراكيُا منذ نهاية الخمسينيات و مطلع ستينيات القرن المنصرم ، فلم تكن نشأة دكاكين اليسار الفلسظيني و العربي نتاجًا لظروف موضوعية داخلية و بالتالي لم يكن لديها فهم و إدراك لظروف الواقع الموضوعي و الذي كان سيحتم عليها تبني الماوية و الفكر الموجه وفقُا لظروف البلد و طبيعته و تكوينه الإجتماعي و الثقافي و سياق تطوره التاريخي .. الخ 
 
و لذلك تيتمت حركات و دكاكين اليسار الفلسطيني و العربي الى حد الإفلاس عند سقوط و تهاوي الإتحاد السوفييتي و كان سقوطها في مستتقع الإسلاموية حتميُا  ، فمن حيث العامل الذاتي هذه الحركات تعبر عن الشرائح الإجتماعية الوسطى (البرجوازية الصغيرة) الأكثر تذبذبُا و إنتهازية فهي لا ترقى الى مستوى طبقات كونها لا تتمتع بثبات تاريخي و أفرادها لا يشتركون برؤية و مشروع تغيير تاريخي على غرار الطبقة العاملة (البروليتاريا) او حتى البرجوازية التي كانت حاملاً إجتماعيُا للثورة الديمقراطية في اوروبا ابان ما يعرف بعصر التنوير . 
و من الناحية الموضوعية نشأت هذه الدكاكين في سياق الفوات الحضاري و واقع البلدان شبه الاقطاعية شبه المستعمرة الخاضعة للهيمنة الإمبريالية و التي بدورها تقوم بحمل الإقطاع بكافة هياكله وتعبيراته السياسية و الأيدولوجية و الإقتصادية عن بعد . 
من هنا  يمكن إستخلاص و فهم أسباب و فواعل الإنحطاط لدى هذا اليسار . 
هذا اليسار لم يفهم ويتبنى الماوية ليتقدم في النضال وقيادة الجماهير ولعل هذه المأساة الأعظم فكان السقوط و الإنحطاط نتيجة محتومة و متسقة مع الحقائق الذاتية و الموضوعية. 
فلا يوجد ادنى فهم لطبيعة البلدان العربية شبه الإقطاعية شبه المستعمرة و تجذر الإقطاع في بنية و تركيبة هذه البلدان و بالتالي سوء فهم لطبيعة حركات لإسلام السياسي المتسقة مع الطبيعة شبه الإقطاعية شبه المستعمرة لهذه البلدان . 
ان اكثر ما هو مثير الشفقة و السخرية في آن  هو إدعاء بعض   محاسيب الدكان المسمى بالحركة التقدمية الكويتية بان دستور المشيخة الإقطاعية في الكويت "دستور إشتراكي!". 
ان هذه الضحالة حكمًا سوف تفضي الى السقوط في أحضان الإسلاموية السياسية و التزلف لها.  و إعتبار أنها حركات تحرر وطني.
ان عدم فهم المسألة الإقطاعية و الإحاطة بها هو ما بميز سوء الفهم هذا فيجري الأخذ فقط بالجانب الوطني  دونما إعتبار للجانب الديمقراطي كجانب رئيسي من التحرر الوطني  و في ضوء الوضع الفلسطيني و العربي ان العواقب وخيمة وكارثية كما تتبدى الان و منذ عقود مع صعود و هيمنة الإسلاموية السياسية. 
.
الخطأ: عدم فهم الإقطاع
تتمتع الماركسية اللينينية الماوية بخصوصية اعتبار أنه إذا كانت الرأسمالية قد غزت الكوكب بأكمله، فقد استفادت من الطبقات الاجتماعية غير الرأسمالية لتأسيس هيمنتها الاجتماعية. وبالتالي فإن دول العالم الثالث ليست رأسمالية على النحو الذي يمكن أن تكون عليه فرنسا والولايات المتحدة وبلجيكا وألمانيا. إنهم رأسماليون، من ناحية، رأسماليون محليون (يُطلق عليهم "الكومبرادور") يباعون لرأسماليين من دول مثل فرنسا والولايات المتحدة وبلجيكا وألمانيا... ومن ناحية أخرى، يحافظ كبار ملاك الأراضي على أساس إقطاعي. عندما ينجح الكومبرادور في التطور بما فيه الكفاية، فإنهم يطورون رأسمالية بيروقراطية، تلعب بطريقة شعبوية من أجل تشكيل برجوازية كبيرة شبه مستقلة.
وهذا ما حدث على الجانب الفلسطيني. باختصار، تمثل منظمة التحرير الفلسطينية الكومبرادور ، أي البرجوازية الصغيرة الفلسطينية التي تمكنت من التطور في ظل الهيمنة الصهيونية. أما حماس فتمثل البعد الإقطاعي، بعقيدة الريف، والروح العشائرية، والدين، والأبوية.
لقد ارتكب اليسار الفلسطيني نفس الخطأ الذي ارتكبته جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، حتى لو لم يكن لدى جبهة التحرير الوطني برنامج حقيقي، حيث اكتفى بالترويج لجزائر مسلمة أسطورية. ونتيجة لذلك، بعد أن تولت جبهة التحرير  بقيادة أشخاص من ذوي الخلفية الجامعية الفرنسية السلطة، وجدت نفسها أمام موجة من الإسلاموية الضخمة، نتاج الفلاحين وعقيدة الريف الإقطاعية وغياب الثورة الديمقراطية. ومن خلال اللعب على الجانب "الوطني" فقط، كان كل شيء فاشلاً.
إن المعنى الكامل للماركسية - اللينينية - الماوية هو التأكيد على وجه التحديد على أنه في بلدان العالم الثالث، لا يوجد استقلال حقيقي ممكن دون هدم القاعدة الإقطاعية (أو، إذا أردنا، "الإقطاعية الجديدة"). يشرح الثوري التركي العظيم إبراهيم كايباكايا، مؤسس TKP/ML، بحق ما يلي:
وكما هو معروف، هناك حلول مختلفة لتناقضات مختلفة بالنسبة لنا.
إن التناقض بين الإمبريالية و- ليس بلدنا، بل- شعبنا يتم حله من خلال الحرب الثورية الوطنية (الثورة الوطنية).
إن التناقض بين الجماهير الشعبية العريضة والإقطاع يتم حله بالحرب الأهلية الثورية (الثورة الديمقراطية).
في البلدان شبه المستعمرة وشبه الإقطاعية، لا ينبغي فصل النضال ضد الإمبريالية والنضال ضد الإقطاع، وبالتالي الثورة الوطنية والثورة الديمقراطية، عن بعضهما البعض؛ إنهم مرتبطون ارتباطًا وثيقًا ولا ينفصلون.
لكن، بحسب الظروف، يظهر في المقدمة واحد أو آخر من هذين التناقضين.
على الرغم من أن التناقض بين الإقطاع والجماهير الشعبية هو التناقض الرئيسي في البلدان شبه الإقطاعية شبه المستعمرة، إلا أنه عندما تتدخل الإمبريالية عسكريا فإن التناقض الوطني هو الذي يظهر في المقدمة ويصبح التناقض الرئيسي؛ لكن في كلتا الحالتين لا يمكننا الفصل بين حل هذين التناقضين.
وهذا يعني نح ح  أن حل التناقضين لا "يتحقق" عن طريق "الاشتراكية"، بل قبل كل شيء عن طريق "الثورة الشعبية الديمقراطية". »
لقد أراد اليسار الفلسطيني ثورة ديمقراطية، لكنه لم يفهم قط البعد الإقطاعي الفلسطيني، وقد كشف ذلك لهم في شكل الإسلاموية. إنها تجربة مروعة، وهي نفس التجربة التي عاشها الثوار في إيران في الفترة 1979-1980 . 
فكان هذا التيه و التخبط و الإنتقال من عبثية الى اخرى ، من الإمبريالية الإشتراكية السوفييتية و اافاشية الناصرية و البعثية وصولا الى الإسلاموية السياسية بمركزيها الأيراني و التركي، فضلاً عن العبثيات   من نوع الإمبريالية الروسية و الفاشية الصينية و الحديث عن ما يسميه التحريفيون و المتمركسون "   العالم متعدد الأقطاب" و عمليُا فإن هذا الوهم المتهافت منذ عقود طويلة قد سقط بكل وضوح و جلاء في حرب الإبادة على غزة، فلا تغيير  في هذا العالم يأتي من فوق  او من الخارج، لن يكون التغيير في هذا العالم الا عبر النضالات الواعية للشعوب بقواها الثورية ، و تكامل النضال بين نضال  شعوب البلدان المضطهدة من اجل التحرر الوطني و شعوب البلدان الإمبريالية من اجل الإشتراكية. 
الإمبريالية لن تأتي بعالم جديد فهذه البدعة اليساروية هي من وحي ما يسمى بالعالمية الثالثة وهي القاعدة الأيدولوجية و الفكرية المركزية و النموذجية للمتمركسين فى العالم بما في ذلك المتمركسين العرب او ما نسميهم ب"يسار جوليا بطرس" ، فأتباع هذه المنهجية الفكرية الرومانسية سقطوا في مستنقع الظلامية الإسلاموية بدون اي إعتبار للمسألة الإقطاعية كمسألة مركزية في للتحرر الوطني  ، و هذه المنهجية الفكرية العالمية الثالثة كانت قبل عقود بمثابة ناقل للفاشية بل و قاعدة صلبة لها مع وجود الفلشية الناصرية و الفاشية البعثية ، فالعالمية الثالثة و ما يعرف بالأنظمة الوطنية بدعة روجت لها الإمبريالية الإشتراكية السوفييتية على نطاق واسغ للهيمنة على بلدان العالم الثالث عبر انظمة فاشية و بيروقراطية تابعة لها تحت مسمى "أنظمة وطنية". 
لا يوجد دول وطنية، فالتعليم الأساسي للماوية ان دول العالم اما إمبريالية أو شبه اقطاعية شبه مستعمرة ، و بدون النظر الى علاقات الأرض سيكون هناك سوء فهم و تقدير حتمًا. 
ان الأرض هي محور و جوهر القضية الوطنية الفلسطينية و العربية . 
و لذلك كان الماويون العرب على حق حين نحتوا شعار  ( ارض.. حرية..كرامة وطنية) فكل ما في هذه البلاد يتسق مع هذا الشعار ، أمعاء أطفال غزة الخاوية لو تكلمت لصرخت  " أرض حرية كرامة وطنية" فالأرض لا تجوع أصحابها و ابحرية و الكرامة الوطنية ليست ناجزة الا بتحرير الأرض، كل مسامات هذه المجتمعات شبه الإقطاعية شبه المستعمرة البائسة ينفجر منها هذا الشعار ، فالثورة الديمقراطية العربية الحتمية هي المهمة الأكثر الحاحُا لنعود الى التاريخ و لنبقى داخل الجغرافيا ولا نتعرض الى الإلغاء و نمسي هنودًا حمر جدد في آوطاننا. 
ولذلك ان الصهيونية و الإسلاموية السياسية خطر يداهمنا و يهدد حتى وجودنا وما من سبيل للخلاص و  الإنعتاق الا بالثورة الديمقراطية الجديدة على النحو المذكور لدى الرفيق العظيم ابراهيم كايبكايا الذي فهم افكار القائد ماو تسي نونغ بعمق . 
او كما لخصها  لينين في مسودة لموضوعات فى المسألة القومية و مسألة المستعمرات"  :


" ضرورة النضال ضد رجال الدين و غيرهم من عناصر الرجعية و القرون الوسطى ذوى النفوذ فى البلدان المتأخّرة ؛ ... ضرورة النضال ضد الجامعة الإسلامية و ما شاكلها من التيارات التى تحاول ربط الحركة التحرّرية المناهضة للإمبريالية الأوروبية و الأمريكية بتوطيد مراكز الخانات و الإقطاعيين والشيوخ إلخ".
و إنطلاقًا من مقهوم لينين هذا ينبغي التأكيد على أننا و بالمعنى الدقيق للكلمة امام ثنائية" احزاب الله" و" احزاب الكادحين" ، اليسار العربي و في طليعته اليسار الفلسطيني إرتد و أضحى في مصاف اجزاب الله  تغير ولم يغير، بل تغير بعد ان فشل بالتغيير و كانت الردة الى الإقطاع على قاعدة (لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) . 
وشتان بين من يغير  و بين من يتغير ، الثوريون يغيرون ولا يتغيرون. 

فلتحيا الماركسية اللينينية الماوية 
ارض حرية كرامة وطنية 
حرب الشعب حتى الشيوعية! 

 


 

Share this post
Repost0
To be informed of the latest articles, subscribe:
Comment on this post